* الإرادة هي نفسها العمل الذي يحقق الهدف ، ويزيل ما قد يحول دون تحقيقه ، شريطة أن يكون الهدف هو هدفك أنت ، وإلا كنت آلة مسخرة في يد صاحب الهدف ، وإذا كانت الإرادة هي نفسها الفعل ، فقد أصبح واضحاً أن قولك إرادة الفعل لا يزيد شيئاً على قولك الإرادة ؛ لأن هذه لا تكون بغير فعل ، كما لا يكون الوالد والداً بغير ولد ، ولا يكون اليمين بغير اليسار ، ولا يكون البعيد بغير القريب ، ولا الأعلى بدون الأدنى ، كل هذه متضايفات (تضاف لبعضها البعض) لا يتم المعنى لأحدها بغير أن تضاف (تضم) إلى شقها الآخر .
ونخطو خطوة أخرى فنقول إنه إذا كان لا إرادة بغير فعل فكذلك لا فعل بدون تغيير وسواء كان التغيير ضئيلاً أو جسيماً فهو تغيير ، إنك لا تفعل الفعل في خلاء (فراغ) بل تفعل الفعل - أي فعل كان - تحرك به شيئاً فيتغير مكانه ليتغير أداؤه ، وتتغير صلاته بالأشياء الأخرى : كان الحجر هنا على الجبل فأصبح هناك جزءاً من الجدار ، وكان الماء هنا في النهر فأصبح هناك في أنابيب المنازل ، كان المداد هنا في الزجاجة فأصبح في جوف القلم ثم انتثر على الورق كتابة يقرؤها قارئ إذا وقع عليها بصره ، وكانت الأرض يَباباً فزرعت ، وكان الحديد خامة من خامات الأرض فصنع قضباناً ، كل إرادة فعل ، وكل فعل حركة وتغيير .